الاثنين، 29 يونيو 2015

هل نحن جيل فاشل

هل نحن جيل فاشل

نحن لسنا جيل فاشل انما نحن جيل خاضع لظروف تجعله يبدو بهيئة الفاشل , ففي ظروفنا الحالية الاقتصادية والسياسية و الاجتماعية نرضخ لضغوط هائلة و عوائق كثيرة تمنعنا من التقدم و النجاح و التطور , فنبقى في القاع مهما حاولنا الصعود والصمود أمام التحديات فهي اكبر منا و ليس بمقدورنا مواجهتها أو التغلب عليها , بالرغم من أن لدينا المواهب و القدرات الفذة التي لو تم دعمها بدلا من قمعها لكنا أنتجنا قدرا هائلا من الابداع و التطور .
لو نظرنا الى ما نواجهه من تحديات و ظروف لوجدنا أنها بيئة قاسية جدا لانتاج أي عباقرة أو مبدعين أو متميزين , بل لوجدنا انه من الصعب حتى أن نقوم بالانتاج بمعدل طبيعي أو قريب من الطبيعي , بالرغم من أنه تحت ظروف طبيعة و في أجواء استقرار و امان لكنا أصبحنا من أعظم شعوب العالم , فقط لو توفرت لدينا الامكانات و الدعم و الراحة النفسية و الاجتماعية و المادية .
كما أنه يختلف تعريف الفشل بناء على المقارنات , فلو قارنا شعبنا بشعب الصين لوجدنا اننا شعب شديد الفشل و لشعرنا باحباط شديد , بينما لو قارنا شعبنا بالشعب السوداني لوجدنا اننا شعب ناجح ومتألق ومبدع و بعيد كل البعد عن الفشل , اذن فهي مسألة نسبية ليست ثابتة , كما و يختلف الفشل من المنظور الشخصي , فمعايير و مسميات الفشل تختلف من شخص لأخر , و ذلك بناء على تفكيره و أهدافه و بعد نظره .
بالرغم من كل هذه التحديات انما من واجبنا أن نستمر بالمقاومة وألا نستسلم , من واجبنا ان نستمر بالمحاولة و تقديم كل ما نملك من طاقات و التفكير بطريقة اجابية على امل ان نتمكن من التغيير , و ليس الفشل هو ان نحاول ولا ننجح , انما الفشل هو أن نقبل الحال كما هو دون أي محاولة للتقدم و الانتاج و التحرر , الفشل هو الاستسلام .

مجالات علم الاجتماع

مجالات علم الاجتماع

مقدمة :
يعتبر علم الاجتماع من أهم العلوم العلمية والاجتماعية والإنسانية ، وذلك لأنه يقوم بدراسة المجتمع وعلاقة الفرد بالمجتمع ككل ، وبناء على هذه الدراسة يستطيع علم الاجتماع تحديد خصائص الفرد والجماعة ، بالإضافة إلى العلاقة بينهما وهذه الخصائص هي التي تعمل على تشكيل المجتمعات وتعطي لكل منها طابعا يميزها عن غيرها، وتفسر هذه الخصائص سلوك الإنسان المفرد وسلوك الجماعات، وتوجهاتها في الحياة، ولا بد أن نذكر هنا أن العالم العربي ابن خلدون أبدع في مقدمته الشهيرة " مقدمة ابن خلدون " في تفسير وتصنيف المجتمع وكانت مقدمته أساسا علميا ومنهج يدرس في علم الاجتماع ومعتمد في كثير من الكيات والجامعات والمعاهد في الوطن العربي والعالم .
مجالات العمل في علم الاجتماع
كثيرا ما يسأل الناس عن المجالات التي سوف يعمل فيها أبنائهم بعدد إنهاء دراستهم خاصة إذا كانت دراستهم تختص في العلوم الإنسانية والاجتماعية، فمن المعروف لكلل الناس ماذا سيعمل الطبيب أو المحامي أو المهندس أو الصحفي بعد تخرجه ، لكن الكثير من الناس يجهلون أو أن معرفتهم محدودة بما يخص العمل بمجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية فمثلا لا يعلمون ماذا سيعمل خريج علم النفس أو العمل الاجتماعي أو علم الاجتماع أو الفلسفة ولهذا سنورد بعض المجالات التي يعمل من الممكن أن يعمل فيها خريجو علم الاجتماع.
يجب أن نعرف أن خريجو العلوم الاجتماعية لا يعملون ضمن وظائف كثيرة بشكل عام وهذا أمر طبيعي فالطبيب ليس أمامه سوى العمل في الطب والعلوم الطبية إلا إذا شق طريقه للعمل ضمن عمل آخر كهواية أو شيء يحبه لكنه يكون خارج تخصصه ، وبشكل عام قد يعمل خريجو علم الاجتماع في وظائف مثل : استشاريون لمؤسسات وهيئات الأمم وذلك في مجالات التنمية وتطوير القدرات البشرية والطبيعية، وأيضا يعملون استشاريون للهيئات العامة وأيضا الخاصة ومديرون إداريون، وكذلك قد يعملون في السفارات في الهيئات الدبلوماسية وأيضا مخططون للسياسة المدنية وكذلك مرشدون اجتماعيون في مراكز خاصة.
كما أنهم يعملون كمساعدين للمدراء العامين أو مؤلفين في مجالهم مجال العلوم الاجتماعية في الجامعات والمدارس، أو قد يعملون مراقبين للعلاقات العامة خاصة إذا كانت لديهم خبرة أو شهادة في مجال تدريب وتنمية الموارد البشرية وهي تقدم في كثير من الدول على شكل دورات تدريبية تساعد الشباب الذين يلتحقون بدراسة العلوم الاجتماعية والإنسانية والإدارية في البنوك والمستشفيات والشركات . وهناك أيضا الكثير من المجالات مثل التدريس ومنظمات حقوق الإنسان.
لقد توسع هذا التوسع إلى محور بعيد المدى ، ألا وهو تخصص التنمية البشرية الذي أصبح تجارة العصر ، و الوقت الحالي الكثير من طلبة الجامعات والخريجين و الموظفين يبحثون عن مهارات وقدرات تصقل شخصية الفرد نحو الأحسن و الأفضل ، و لكن هذا المجال يحتاج لجهد وعمل ودراسة دورات مكثفة في بعض تخصصات العلوم الاجتماعية ، وبعدها يستطيع الطالب تعليم غيره وصقل شخصيته ، وذلك خلال مركز تدريب او اعطاء المحاضرات والدورات المختلفة ....

مجالات علم النفس التربوي

مجالات علم النفس التربوي

علم النفس التربوي هو علم قائم على مجموعه كبيرة من الحقائق ومجموعه من المعارف المستنبطة من الابحاث العلمية في علم النفس ، هذا ويمكن تعريف علم النفس التربوي بانه علم من العلوم الانسانية وعلم النفس التربوي فرع من فروع العلم النفس وهو علم نظري من جهه ومن جهه اخرى علم تطبيقي الذي يقوم على دراسة النظريات المختلفة وعمل تطبيقات لهذه النظريات في مجالات مختلفة منها مجال الدراسة والتربية الصفية وتطوير الشخصيات ، هذا وبعد تعريف علم النفس التربوي بشكل مختصر يجب توضيح بعض الفصول التي يجب تناوله في دراسة وتناول هذا العلم من هذه الفصول :
1-فصل النمو الانساني
2- فصل تاريخه وتعريفه
3- فصل مبادئه ومناهجه
4- فصل دراسة النظريات المختلفة
5- فصل الاختلافات بمختلف قياساتها

كما يعتبر علم النفس التربوي من أهم فروع علم النفس لأنه يختص بشكل أساسي في تربية وتنشئة الأطفال الذين يشكلون مجتمعاتهم عندما يكبرون وهذه المجتمعات متحدة تشكل سكان الأرض، ولها السبب إن تنشئة الأجيال هي المهمة الأصعب بين العلوم ككل، ولهذا السبب نجد أن الثقافة الإنسانية بشكل عام أعطت مكانة هامة وعظيمة للأم والمعلم لأن هؤلاء من يقومون في عملية تنشئة الأجيال .


إن مهمة تربية الإنسان من البداية هي المهمة الأخطر والأهم في العامل فأي خطأ في هذه المهمة قد ينمي أو يخلق عقدة ما عند الإنسان في المستقبل أو قد يحرف سلوكه عن المسار الصحيح الذي يجب أن يكون عليه ليخدم هذا الكون ويتفاعل مع مكوناته بالشكل الصحيح، فمثلا حرمان طفل من أمر قد يخلق عنده عقدة عظيمة تجاه هذا الشيء وفي الوقت ذاته منح الطفل شيء ما بطريقة غير مدروسة قد يجعله ( دلع ) أو غير مكترث لأهمية هذا الشيء، وأيضا التزمت وإظهار الدقة في كل أمر ودراسته دراسة وافية قد يجعل منه إنسان متزمت وغير مرن وهنا نجد أن أي سلوك قد يؤدي إتباعه مع الأطفال إلى إنسان معقد إن لم تتم دراسة هذا السلوك بشكل دقيق.


إن الإنسان بشخصيته ونمط تفكيره هو بالضرورة نتيجة بيئته وتربيته، يقول العالم بياجيه بما معناه أعطني عدد من الأطفال وسأجعل منه لص ومحامي وطبيب...وهذا يعني أن التربية والتنشئة هي الأساس قد تلعب الفطرة والجينات الوراثية دورا هاما لكنه لا يشكل نسبة تذكر في مقابل أسلوب التنشئة المعتمد، وقد يعتقد الناس بناء على القصص الاجتماعية غير ذلك فيقال مثلا طفل تربى في عائلة متدينة ونشأ على تعاليم دينية صارمة لكنه بالنتيجة أصبح شخص محترم ومنحرف ويرتكب الأعمال الشريرة والغير أخلاقية... هذا الأمر يفسره مجال التربية الاجتماعية فالتربية المتزمتة، والضغط الشديد يولد طاقة كبيرة لدى الإنسان للتهرب من هذا الضغط فتجده يذهب لارتكاب أفظع الأمور للتخلص من الضغط، والحل هو تربية الطفل على السلوكيات الصحيحة بجعله يتبناها باقتناع ومن دون أن يكون ذلك تحت ضغوط قوية وسلطوية وقسوة وتهديد مخيف.

مدخل إلى علم النفس التربوي

مدخل إلى علم النفس التربوي


مقدمة

حتى يتوصل المربون إلى فهم التلميذ كما يجب ،لابد من دمج التربية مع علم النفس بشكل يتمخض عن هذا الدمج علم اسمه "علم النفس التربوي"، غير أن هذا العلم الجديد كسائر فروع علم النفس لم يتطور إلا في الثلاثينات من القرن العشرين، حيث تم تحديد موضوع سيكولوجية المواد الدراسية كالقراءة و التهجي و الحساب و انتشرت أبحاث كثيرة في طرق التدريس.

وفي الستينات تركزت الأفكار الرئيسية حول محتوى علم النفس التربوي وتحدد موضوعه،و أصبح له كيانه المستقل و المتميز.

1- تعريف علم النفس التربوي و تحديد مجاله و مواضيعه 

1-1 - تعريف علم النفس التربوي : 
علم النفس التربوي : هو الدراسة العلمية للسلوك الإنساني في مختلف المواقف التربوية.

كما أنه فرع نظري وتطبيقي من فروع علم النفس يهتم أساسا بالدراسات النظرية والإجراءات التطبيقية لمبادئ علم النفس في مجال الدراسة وتربية النشء وتنمية إمكاناتهم وشخصياتهم ويركز بصفة خاصة على عمليتي التعليم و التعلم .

ويعرفه د. فؤاد أبو حطب ود . أمال صادق بأنه سيكولوجية المنظومات التربوية والدراسة العلمية للسلوك الإنساني الذي يصدر خلال العمليات التربوية (أبو حطب وصادق 2002 ) .

أما توق و آخرون (2002) فيعرفون علم النفس التربوي بأنه ذلك الميدان من ميادين علم النفس الذي يهتم بدراسة السلوك الإنساني في المواقف التربوية وخصوصا في المدرسة، وهو العلم الذي يزودنا بالمعلومات والمفاهيم و المبادئ و الطرق التجريبية و النظرية التي تساعد في فهم عملية التعلم و التعليم و تزيد من كفاءتها .

ويذكر الزغول (2002 ) أن علم النفس التربوي هو ذلك المجال الذي يعني بدراسة السلوك الإنساني في مواقف التعلم و التعليم لدى الأفراد، ويسهم في التعرف إلى المشكلات التربوية و العمل على حلها و التخلص منها .(أبو جادوا،2005) .

نستخلص أن علم النفس التربوي هو الدراسة المنظمة للسلوك الإنساني وعملياته العقلية والانفعالية و الشعورية و الأنشطة الجسمية ذات العلاقة ، في المواقف التربوية الهادفة لمساعدة الفرد على النمو السوي المتكامل من النواحي العقلية والجسمية والاجتماعية ، ليصبح قادرا على التكيف مع نفسه و ما يحيط به ( أبوجادو، 2005 )

1-2 – مجال و موضوع علم النفس التربوي :
يعد علم النفس التربوي la psychopédagogie من المقررات الأساسية اللازمة لتدريب المعلمين في كليات و معاهد التربية، و إعداد المعلمين و الموجهين في برامج التدريب و التأهيل بمختلف أنواعها و مستوياتها وإعداد الأخصائيين النفسيين العاملين في المجال المدرسي .

والمهمة الجوهرية لهذا العلم هي تزويد المعلمين و غيرهم من العاملين في ميادين تعديل السلوك الإنساني بالمبادئ النفسية الصحيحة التي تتناول مشكلات التربية و مسائل التعلم المدرسي لكي يصبحوا أعمق فهما وأوسع إدراكا وأكثر مرونة في المواقف التربوية.

ومن أهم الطرق التي اعتمد عليها الباحثون في تحديد مجالات و موضوعات علم النفس التربوي ، تحليل محتوى المؤلفات التي كتبت في هذا الميدان ، فوجدوا أن أكثر الموضوعات تكرارا هي :
1- النمو المعرفي والجسمي والانفعالي والاجتماعي .
2- عمليات التعلم ونظرياته و طرق قياسه وتحديد العوامل المؤثرة فيه ، و انتقال أثر التدريب و الاستعداد للتعلم وطرق التدريس ، وتوجيه التعلم و تنظيم موقف التدريس .
3- قياس الذكاء و القدرات العقلية و سمات الشخصية والتحصيل ، وأسس بناء الاختبارات التحصيلية و شروط الاختبارات النفسية و التربوية .
4- التفاعل الاجتماعي بين التلاميذ و المعلمين وبين التلاميذ أنفسهم .
5- الصحة النفسية للفرد و التوافق الاجتماعي والمدرسي .


ويحدد أوزوبل Ausubel مجال و موضوع علم النفس التربوي بمشكلات التعلم الآتية :
1 -اكتشاف تلك الجوانب من عملية التعلم التي تؤثر في اكتساب المعلومات و الاحتفاظ بها لمدة طويلة .
2- تحسين التعلم بعيد المدى و القدرة على حل المشكلات .
3- اكتشاف الخصائص الشخصية والمعرفية للمتعلم ذات العلاقة بالتعلم و اكتساب المعرفة ، وكذلك اكتشاف الجوانب الاجتماعية والعلاقات الشخصية المتبادلة في البيئة التعليمية التي تؤثر في نتائج تعلم المادة الدراسية ، واكتشاف عوامل دافعية التعلم و الطرق النموذجية لاستعاب هذه المادة .
4- اكتشاف أكثر الطرق كفاية في تنظيم المواد التعليمية وتقديمها وكيفية توجيه التعلم
واستثارته نحو أهداف محددة .(أبو جادوا،2005)


يهتم علم النفس التربوي إذن بدراسة الخصائص الأساسية لمراحل النمو المختلفة وكيفية تطبيقها في الميدان التربوي و في إعداد المناهج الدراسية التي تناسب كل مرحلة عمرية معينة. ويهتم بكيفية تطبيق واستخدام المبادئ الأساسية لعمليتي التعليم و التعلم ، كما أنه : 
1 - يعتمد على مجموعة من الحقائق والمعارف المشتقة من البحث العلمي في علم النفس.
2- يركز على دراسة السلوك في مجالات العمل المدريس.
3 - يتبنى منهجا للبحث العلمي و تجميع و تنظيم البيانات و المعارف.
4 - دراسة المبادئ و الشروط الأساسية للتعلم.
5- تعويد الأطفال على العادات و الاتجاهات السليمة.
6 - إجراء التجارب لمعرفة افضل المناهج التعليمية.
7 - الاستعانة بالاختبارات النفسية لقياس ذكاء التلاميذ.


ونستنتج باختصار من خلال ما ذكرناه من معطيات، أن موضوع علم النفس التربوي هو التعلم المدرسي .


2–أهداف علم النفس التربوي

يقدم علم النفس التربوي المساعدة الضرورية لحل المشكلات التربوية بصفة عامة ومشكلات التعليم بصفة خاصة ، مثل هذه المشكلات تظهر من خلال ممارسات المعلمين في المدارس ، واستخدامات علم النفس التربوي تقع في خمس مجلات هي :

1– الأهداف التعليمية : يقصد بالأهداف التعليمية أنها أهداف المدرسة بصفة عامة والتعليم بصفة خاصة.

2 - خصائص نمو التلاميذ : يتعامل علم النفس التربوي مع طرق صياغة الأهداف وتصنيفها و استخدامها في التعليم فعند صياغة الأهداف ينبغي مراعاة خصائص التلميذ حتى يمكن معرفة كيفية حدوث التعلم الجيد عند هذا التلميذ .

3 - طرق التدريس : ينبغي معرفة الطرق التي يمكن بها تنمية القدرات المعرفية للتلاميذ و كذلك طرق تنميتهم في الجوانب الجسمية و الاجتماعية و الانفعالية في مراحل النمو المختلفة من الطفولة إلى الرشد ، بالإضافة إلى معرفة أساليب تعليم التلاميذ .

4 - طبيعة عملية التعلم : تتعامل عملية التعلم مع الطرق التي بها نكتسب الأساليب الجديدة في السلوك و هذه الطرق تهم المعلمين حيث تساعدهم على اختيار طرق التدريس. والطرق التي يختارها المعلمين من أجل تحقيق الأهداف و تحقيق أفضل نتائج.

5 - تقويم التعلم : يتم تقويم التعلم بواسطة الاختبارات بأنواعها المختلفة … كل ذلك يبين أهمية علم النفس التربوي واستخداماته في المدرسة . (منسي ، 1990 )
وتركز البحوث في علم النفس التربوي في ثلاثة مجالات رئيسية أو ثلاثة متغيرات هامة هي الأهداف التعليمية ، خصائص التلميذ ، وطرق التدريس .

فاختيار طرق التدريس ينبغي أن يكون مبنيا على طبيعة هذه الأهداف ( معرفية – وجدانية – نفس حركية ) و على طبيعة التلاميذ الذين يقوم المدرس بتعليمهم ، فعلم النفس التربوي يعمل على توفير المعلومات التي على أساسها يتم اختيار طرق التدريس .

إن مهمة عالم النفس التربوي و هو يتعامل مع العملية التعليمية ، إنما هي وظيفة و مهمة الخبير الذي يقرر الوسائل التي يجب إتباعها للحصول على النتيجة المرغوب فيها ، بأكبر درجة من الكفاية ، و من هنا كانت أهمية دراسة علم النفس بالنسبة للمعلم .

ويهدف علم النفس التربوي ، إلى تحقيق غرض مزدوج ألا و هو تطوير أسس علم النفس العام و تطبيقها من أجل تطوير العملية التربوية ، و لكي يحقق هذا الغرض فإنه ينهل من ميادين علم النفس الأخرى ، و بخاصة ميادين التعلم و النمو و الفروق الفردية و الصحة النفسية والإرشاد و التوجيه ، وغيرها .

ويرى جودوين و كلوزماير (Goodwin & Klausmeir) أن علم النفس التربوي يسعى إلى تحقيق هدفين أساسين هما :

1 – توليد المعرفة الخاصة بالتعلم والمتعلمين وتنظيمها على نحو منهجي ، بحيث تشكل نظريات و مبادئ و معلومات ذات صلة بالتلاميذ والتعلم .
يشير هذا الهدف إلى الجانب النظري الذي ينطوي عليه علم النفس التربوي ، فهو علم يتناول دراسة سلوك المتعلم في الأوضاع التعليمية المختلفة ، حيث يبحث في طبيعة التعلم و نتائجه وقياسه ، و في خصائص المتعلم ذات العلاقة بالعملية التعلمية التعليمية .

2 -صياغة هذه المعرفة في أشكال تمكن المعلمين و التربويين من استخدامها و تطبيقها في المواقف التعلمية التعليمية .
يشير هذا الهدف لعلم النفس التربوي إلى جانبه التطبيقي ، إذ لابد من تنظيم هذه المبادئ و النظريات في أنماط تمكن المعلمين من استخدامها و اختبارها و بيان مدى صدقها وفعاليتها ، ولذلك يلجأ علماء النفس التربوي إلى تطبيق ما يصلون إليه من معارف إلى الأوضاع التعليمية المختلفة، ويقومون بتعديلها في ضوء ما يسفر عنها من نتائج، لضمان تحقيق أفضل النتائج المرغوب فيها. (أبو جادوا،2005).

ويهدف علم النفس التربوي ، في نهاية المطاف ، من وراء نشاطه العلمي في الوصول إلى المعرفة التي يستطيع بها أن يفسر العلاقة النظامية بين المتغيرات التي هي بمثابة السلوك في المواقف التربوية ، و العوامل المؤدية إلى إحداث هذا السلوك ، و لا يتأتى ذلك إلا من خلال تحقيق الأهداف التالية :

1-الفهم :la compréhension :
يتمثل هذا الهدف في الإجابة عن السؤالين ( كيف؟ و لماذا ؟ ) يحدث السلوك.
إن كل واحد منا يريد أن يعرف كيف تحدث الأشياء ، و لماذا تحدث على الشكل الذي حدثت به، و الأفكار التي تقدم فهما حقيقيا للظاهرة ، يجب أن تكون من نوع يمكن إثباته تجريبيا ، ومما لا يمكن نقضه بسهولة عن طريق أفكار أخرى .

2 –التنبؤ: la  prédiction :
يتمثل هذا الهدف في الإجابة عن السؤالين ( ماذا يحدث؟ و متى يحدث؟ ) إن معيار الفهم الذي يتبناه العلماء هو التنبؤ، ولذا يمكن القول بأن أي محاولة لزيادة الفهم تكون ذات قيمة حين تكون نتائج الوصف هي التنبؤ الدقيق عن الظاهرة الأصلية أو حين يؤدي الوصف إلى التنبؤ عن ظواهر أخرى ذات علاقة بالظاهرة الأصلية ، من ناحية أخرى فبالعلم تقيم المفاهيم و النظريات إلى المدى الذي تسمح فيه بإجراء التنبؤات التي لم يكن بالإمكان أن تحدث في غياب هذه المفاهيم و النظريات .

3-الضبط: le contrôle 
ويعني الضبط، قدرة الباحث في التحكم في بعض العوامل أو المتغيرات المستقلة التي تسهم في إحداث ظاهرة ما ، لبيان أثرها في متغيرات أخرى .و ضبط هذه المتغيرات في المجال التربوي ليس بالأمر السهل ، لتنوعها و تفاعلها .

نستنتج أن عمليات الفهم و التنبؤ و الضبط تقوم على إيجاد نوع من العلاقات بين المتغيرات موضوع الاهتمام ، فالفهم يقوم على العلاقات المنطقية ، و التنبؤ يقوم على العلاقات الزمنية ، بينما يقوم الضبط على العلاقات الوظيفية أو السببية .

التعلم الشرطي الإجرائي ( سكنر )

التعلم الشرطي الإجرائي ( سكنر )

لقد وجد سكنر أن الاشتراط الإجرائي ذو كفاءة عالية في تدريب الحيوانات وهو واثق من أنه يحمل على الأمل في النجاح عندما يستخدم مع الأطفال والشباب .

ويعتبر المدرسون من وجهة نظر الاشتراط الإجرائي مهندسين بشريين يشكلون سلوك التلاميذ باستخدام جداول تعزيز حسن توقيتها وتوزيعها .
ويرى سكنر أن هدف علم النفس هو لتنبؤ بسلوك الأفراد وضبطه ويصر على أن تنصب دراسة علم النفس علة السلوك الملاحظ . وعلم النفس هو علم السلوك الظاهر والظاهر وحده .
ويعرف سكنر التعلم بأنه ( تغير في احتمال حدوث الاستجابة ويتم هذا في معظم حالاته بواسطة الاشتراط الإجرائي .
والاشتراط الإجرائي هو ( عملية التعلم التي تصبح فيها الاستجابة أكثر احتمالاً وأكثر حدوثاً وتكراراً )
ويعتقد سكنر أن جميع أنواع السلوك الإنساني تقريباً نتاج للتعزيز الإشتراطي .
وعمليات التعزيز تختلف تبعاً للفترات التعزيز الفاصلة بين التعزيز والآخر ، أو لمرات الاستجابة بينها . فالبنسبة للتعزيز على أساس الفترات الزمنية لا يحدث انزلاق كرية الطعام إلى الوعاء في كل مرة يضغط الحيوان على الرافعة . وإنما يحدث كل ثلاث دقائق أو ست أو تسع أو أثنى عشر دقيقة وفقاً لترتيب إجرائي خاص . وقد وجد سكنر أن معدل الاستجابات يزداد كلما زادت دورات التعزيز في فترة زمنية . أي أن معدل الاستجابات في حالة التعزيز كل ثلاث دقائق أعلى منه في حالة كل ست دقائق ، وهذا بالتالي أعلى منه في حالة كل تسع دقائق .
أما بالنسبة للنظام الآخر فهو أن التعزيز يحدث بعد عدد معين من الاستجابات يحدده المجرب من قبل . كأن يقدم الطعام مرة كل 48 ضغطة علة الرافعة أو كل 96 ضغطة أو كل 192 ضغطة . وقد لوحظ أن معدل الاستجابة يزيد كلما اتجهنا نحو التقليل من حدوث التعزيز .
المعزز نوعان : سلبي وإيجابي
تعريف المعزز : أي مثير يؤدي سحبه أو تقديمه إلى زيادة احتمال حدوث الاستجابة
المعزز الإيجابي : أي مثير يؤدي عرضه إلى تقوية السلوك الذي يعتبر شرطاً سابقاً عليه .
أما المعزز السلبي : هو أي مثير يؤدي سحبه أو استبعاده إلى تقوية السلوك .
هل العقاب تعزيز ؟
إن العقاب عملية في أساسها مختلفة عن التعزيز . فبينما يستلزم التعزيز غرض معزز إيجابي أو استبعاد معزز سلبي . نجد العقاب يتألف من عرض مثير سلبي أو استبعاد مثير إيجابي ، أي أننا بينما نعرف التعزيز على أساس تقوية الاستجابة ، نجد العقاب هو عملية يفترض أنها تضعف الأستجابة .
أنواع التعزيز الإجرائي :
ثمة نوعان من التعزيز وهما : التمييز بين المثيرات ، والتمايز بين الاستجابات . والتعلم الانساني برمته يمكن تصنيفه في هذين النوعين .
1-   تمييز المثيرات :
إن التمييز الإجرائي هو تغير في السلوك ناتج عن تغيرات في البيئة – أي المثيرات – التي يوجد فيها الكائن الحي .
2-   تمايز الاستجابة :
    تتحسن المهارات من خلال الفروق في تعزيز الاستجابات المتفاوتة مثلا لكي ترمي بكرة رمية ماهر ينبغي أن تقذف بها في لحظة مناسبة . فإذا قذف قبل أو بعد هذه اللحظة فإنها لا تعزز .
الفرق بين الاشتراط الكلاسيكي والاشتراط الإجرائي :
1-   التعلم الشرطي الكلاسيكي عملية مثير – استجابة ، أما التعلم الشرطي الإجرائي فهو عملية استجابة – مثير .
2-   المثير ذو الدلالة في التعلم الإجرائي هو ذلك المثير الذي يلي الاستجابة مباشرة ، أما في التعلم الشرطي الكلاسيكي المثير ذو الدلالة الذي يسبق الاستجابة .
3-   الاستجابات الشرطية الكلاسيكية استجابات منتزعة أما الاستجابات المتعلمة في الاشتراط الإجرائي صادرة عن الحيوان أو الأنسان واستجابات منتزعة نسبياً ونعكسة .
4-   في الاشراط الكلاسيكي ، نجد المثير الشرطي مثير معين محدد مثل صوت الجرس ، يعرضه المجرب على نحو متقطع لفترة قصيرة مصاحباً للمثير الطبيعي ، أما في الاشراط الإجرائي فالمثير الشرطي هو الموقف وهو ماثل ومستمر خلال فترة التعلم والحرية متاحة للحيوان لكي يصدر استجاباته .
5-   في الاشراط الكلاسيكي يصاحب المثير غير الشرطي المثير الشرطي بغض النظر عما يفعله الحيوان ، أي أن التعزيز لا يتوقف على فعل معين ، أما في الاشراط الإجرائي فإن التعزيز يتوقف على ما يفعله الحيوان لأن ما يفعله أداة للحصول على التعزيز .
6-   التعزيز في الأشتراط الكلاسيكي هو مصاحبة المثير الشرطي للمثير لطبيعي ، أما في الاشتراط الاجرائي التعزيز يمكن أن يكون مثيراً كالطعام أو الماء أو هرباً من موقف مؤلم أو تجنباً لصدمة كهربية .



نظرية التعلم بالاستبصار

نظرية التعلم بالاستبصار

شاعت نظرية ثورنديك وذاع صيتها في الثلث الأول من القرن العشرين وظهر كتاب كوفكا ( نمو العقل ) ، واحتوى على نقد تفصيلي للتعلم بالمحاولة والخطأ كما رآه ثورنديك . ولقد أيد هذا النقد وقواه ما أجراه كوهلر من تجارب على القردة وقد عرض هذه التجارب في كتابه عقلية القردة الذي ظهر في عام 1925 ولقد أبرز كوهلر في كتابه دور الاستبصار في التعلم واعتبره بديلا للتعلم بالمحاولة والخطأ وإن لم ينكر إمكان حدوث الأخير .
ومن المفيد أن نعرض هنا أن هناك نوعين من التجارب الذي تحدث عنهما كوهلر في كتابه ، وهذان النوعان هما :
1-   تجارب مشكلات الصندوق
2-   تجارب مشكلات العصا .
معنى الاستبصار :
( نوع من التحليل الشعوري والتحول الفجائي في إدراك المجال المحيط بنا )
التعلم بالاستبصار :
( هو الإدراك والفهم الفجائي لما بين أجزاء الموقف من علاقات ولما بين هذه الأجزاء والموقف الكلي من علاقات أيضاً لم يدركها الكائن الحي من قبل )

العوامل التي تساعد على التعلم بالاستبصار :
1-   النضج الجسمي والعقلي .
2-   تنظيم المجال الإدراكي .
3-   الخبرة السابقة .
خصائص التعلم الاستبصار :
1-   يستخدمه كل من الانسان والحيوان وبخاصة القردة العليا .
2-   يستخدمه الصغار ولكن أكثر استخداماً لدى الكبار .
3-   أكثر استخداماً لدى الأكثر ذكاءاً و الأكثر خبرة .
4-   إدراك الكل سابق على الأجزاء .
5-   يسبقه التعلم بالمحاولة والخطأ .
6-   يحدث عندما يدرك الفرد العلاقات القائمة بين أجزاء الموقف الإدراكي وللعلاقات بين الأجزاء .
7-   يصل الفرد للحل فجأة ولكن يدرك العلاقات تدريجياً .
قوانين التنظيم الإدراكي :
لقد بدأ علم نفس الجشطلت الإدراك الحسي ، وحقق أعظم كشوفه في هذا الميدان ، وإدراك الموقف عند الجشطلت يسير وفق قانون التنظيم والتوضيح وقوانين التشابه والتقارب والإغلاق .
1-   قانون التظيم والتوضيح : إن قانون التنظيم يبين لنا أو يقترح علينا اتجاه الأحداث فالتنظيم النفسي يتجه إلى تكوين صيغة اجمالية واحدة أو جشطلت جيد واحد . وهذه الصيغة الاجمالية الجيدة لها صفات كلانتظام والبساطة والثبات .
2-   قانون التشابه : يعتبر قانون التشابه مماثلاً لقانون الترابط عند الشرطيين وينص على أن ( إذ تميل الأشياء المتشابهة إلى أن تتجمع في وحدة ، فتظهر الخطوط المتشابهة مثلاً والنقط المتماثلة على أنها وحدة إدراكية)  .
3-   قانون التقارب : ينص على أن ( الأشياء المتقاربة في الزمان أو المكان إلى إدراكها كمجموعة أو صيغة واحدة أو جشطلت واحد ) .
4-   قانون الإغلاق : الأشياء الكاملة أو المغلقة أكثر ثباتاً من الأشكال الناقصة أو المفتوحة وذلك لأن الأخيرة تميل إلى تكميل نفسها ، حتى يسهل لها أن تكون صيغة كلية في الإدراك الحسي . وتدرك المواقف المشكلة على أنها كل ناقص يثير توتر يدفع الكائن الحي إلى إكمال النقص . ويساعد هذا التوتر على التعلم ويحفز إليه التعلم .
ويمكن صياغة هذا القانون في أن ( الأشياء الناقصة أو المفتوحة تميل إلى ثد ما بها من ثغرات أو فتحات وذلك لأنها تثير التوتر والضيق ، أما الأشياء الكاملة والمغلقة أكثر ثباتاً )
5-   قانون الاستمرار الجيد : إن تنظيم مجال الإدراك الحسي يميل إلى أن يحدث على نحو مستمر فيه الخط المستقيم مستقيم والدائرة دائرة وهكذا ، على الرغم من أن هذه المدركات يمكن أن تتخذ أشكالاً مختلفة .
تقويم نظرية الجشطلت : ذهب بعض المتطرفين في انتقاداتهم إلى أن كلمة جشطلت لا تعني شيئاً جديداً . فقد أعتبر كثير من علماء من علماء النفس ومازالوا يعتبرون الإدراك الحسي على أنه استجابة موحدة .
ويتفق علماء النفس من غير اتباع نظرية الجشطلت ، على أن هذه المدرسة قد أسهمت مساهمة جديرة بالتنويه ، ولكنهم يرون أن هذا الإسهام ما هو الإسهام ما هو إلا تحسين لحقائق معروفة .
ولقد ذهب النقاد إلى أن لفظ استبصار لفظ وصفي لا يضيف شيئاً التفسير الأساسي لظاهرة التعلم .
ولقد أشرنا على وجه العموم إلى أن الاستبصار بتأكيدها للفهم كان لها عظيم على النظرية لتربوية ، فلم يعد المعلمون يهتمون كثيراً بالتكرار والتدريب البسيط .
ولقد أدى توكيد أهمية الاستبصار ، وساعد على قيادة المدرسين للكفاح في سبيل ظهور مبادئ عامة شاملة تهتم بانتقال أثر التعلم إلى مواقف جديدة منوعة .

ففكرة الاستبصار تبدو أفضل كمبدأ مرشد في المواقف التعليمية ، وكتعميم شامل من النظرة الآلية . 

التعلـم الشرطـي ( إيفـان بافلوف )

التعلـم الشرطـي ( إيفـان بافلوف )

        بدأت أبحاث العلامة الروسي بافلوف الذائع الصيت عن الفعل المنعكس الشرطي عام 1904 حين أعطي جائزة نوبل في الطب ، تقديراً لجهوده واعترافاً بفضل اكتشافه . ولقد نشرت نتائج أبحاثه المبتكرة باللغة الروسية . ومن ثم فقد استمرت فترة طويلة غير معروفة في البلاد والأقطار التي تتحدث بلغات أخرى . وحين بدأت أبحاثه تظهر في مقالاته وبحوثه في لغات أخرى أهتم بها الأمريكيون اهتماماً بالغاً ، ولا سيما أنها صادفت فترة ضاق فيها علماء النفس ذرعاً بعلم نفس الاستبطان ، وبمناقشة الظاهرات النفسية الغامضة ، والتي لا يسهل وضعها موضع الملاحظة والقياس . وهكذا اندمج تيار الشرطيين ( بافلوف وتلاميذه ) بالسلوكيين الذين ما يزال أثرهم بعيداً في علم النفس حتى الآن .
آراء المعاصرين في بافلوف :
         تشير إلى أنه عالم مخلص عمل بجد وكرس معظم حياته للبحث العلمي ، وعلى الرغم من تأثير والده وقد كان رجلاً من رجالات الدين ، إلا أن إخلاص بافلوف انصرف للعلم . ولقد رأى بابكن وهو من تلامذة بافلوف وأتباعه أن بافلوف اعتبر أن العلم أداة لتعلم كل ما يراد تعلمه عن عالمنا ، بل وعن الإنسان في هذا العالم .
      ولقد شبه بافلوف في محاضراته ومقالاته الكائن الحي بالآلة وهو آلة معقدة ولكنها خاضعة ومطيعة كغيرها من الآلات . واعتبر الخاصية المميزة للعالم هي التواضع وليس الغرور . ومهما بلغ العالم من ذكاء وألمعية ، فإنه لا يستطيع أن يقرر ما ينبغي أن يكون عليه سلوك الطبيعة إن دور العالم هو أن يستخدم مهاراته إلى أقصى حد ليكتشف الطبيعة وليكشف عنها وتتضح له . حتى يفهم الانتظام الكامن فيها وأنها تسلك وفقاً لقوانين معينة ويحاول العالم أن يفهم كيف يتعلم الإنسان ولا يقرر كيف ينبغي أن يتعلم الإنسان .
        ولأبحاث بافلوف تطبيقات عامة ، فقد ألقت الضوء على آليات التعلم ، وتكوين العادات ، وعلاوة على ذلك استطاع بافلوف وتلاميذه أن ينجحوا عن طريق التجريب في خلق اضطرابات نفسية ( عصاب ) في الحيوانات ، وهي اضطرابات تماثل ما يطرأ على الإنسان من عصاب يعتقد بعض علماء الاجتماع أنها نتيجة من نتائج العيش في حضارات معقدة .
        وقد بدأ بافلوف بحقيقة معروفة كثيراً ما نلاحظها في حياتنا اليومية ، فقد رأى أن نقط اللعاب كثيراً ما تسيل من فم الكلب أثناء انتظاره للطعام . ومعظمنا إن لم يكن كلنا يسيل لعابنا عندما نرى طعاماً شهياً ، أو نشم رائحة طعام لذيذ ونحن جياع . والأصل أن الحيوانات الصغيرة والأطفال لا يسيل لعابهم حتى يوضع الطعام في أفواههم فعلاً . وذلك أن إفراز اللعاب استجابة غدية عكسية آلية ومثيرها المناسب الطبيعي هو الطعام . ولكننا نعرف جميعاً أنه بمضي الزمن وباكتساب الخبرات تصبح رؤية الطعام ورائحته كافية لأن تثير اللعاب . إذن هذه الرائحة أو هذا المنظر إنما هو مثير شرطي حل محل المثير الطبيعي الأصلي في إثارة اللعاب ، وتسمي الاستجابة للمثير الشرطي أو البديل ، فعلاً منعكساً شرطياً .
      ومن الخطأ أن نستدل من تجارب بافلوف على أن الفعل المنعكس الشرطي أو الاستجابة الشرطية لفظ جديد ، أو أنها تعد مفسراً جديداً لظاهرات التعلم و الحق أن فكرة الاشتراط فكرة قديمة ، وتشتمل عليها قوانين الترابط القديمة التي عرض لها جون لوك عام 1690 والتي حاولت أن تفسر أن فكرة تتصل بفكرة أخرى أو تنشأ عنها ، أو تستبدل بها لوجود تشابه أو اختلاف بينهما ، أن لتجاور في الزمان أو المكان .
       وإذا كانت فكرة الاستجابة الشرطية قديمة ، فإنه قد يتبادر للذهن سؤال هو : هل يختلف عمل بافلوف عن عمل علماء النفس الترابطيين الآخرين ؟ وثمة فرق أساسي بين بافلوف وغيره هو أنه لم يتناول بالدرس والتجريب أفكاراً وعادات واستجابات متعلمة . بل مثيرات حسية واستجابات غدية يمكن أن تقاس بدقة ، وأن يحدث تحت ظروف مضبوطة ، والدقة والقياس وضبط ظروف التجربة أمور أساسية بغير توافرها لا يقوم العلم ولا يتقدم .
طريقة بافلوف :
        أجريت كل تجارب بافلوف تقريباً على الفعل المنعكس الشرطي على الكلاب ، وكان منصرفاً في تلك التجارب إلى دراسة إفراز اللعاب ، ولقد كانت الفكرة السائدة في كل أبحاثه هي : أن كل ما يتعلمه الكلب منذ طفولته ليس إلا نتيجة للترابط بين أحداث معينة وقعت في وقت واحد مع مثير بيولوجي مناسب لاستجابة فطرية . ولقد اختار بافلوف التركيز على اللعاب لأن كمية ما يفرز منه يمكن قياسها بدقة ، فضلاً عن أن الغدد اللعابية ليست إلا عضواً بسيطاً لا تتصل به أفعال منعكسة أخرى مما يعقد الضبط التجريبي .
        وقد كانت طريقة بافلوف في قياس اللعاب بسيطة نسبياً ، فقد كان يجري عملية جراحية ليعمل فتحة في صدغ الكلب تدخل منه انبوبة زجاجية تحيط بفتحة من فتحات الغدة اللعابية وبذلك يمكن جمع اللعاب المسال وقياسه . ولما كان هذا الفعل المنعكس حساساً ويسهل التأثير عليه والتدخل في عمله فقد بذل بافلوف جهداً بالغاً ليمنع حدوث أي ضوضاء في معمله . وكان يجري تجاربه في حجرات لا نوافذ لها ولا ينفذ إليها الصوت ، وكان يقدم الطعام من خلال فتحة أخرى في الحائط .
كيف تتكون الأفعال المنعكسة الشرطية :
      أبسط الأساليب التي كانت تتبع في تجارب الفعل المنعكس الشرطي هو أن يحدث المجرب المنبه الشرطي بحيث يلازم المنبه غير الشرطي أو الطبيعي وأن يكرر هذا . وقد استخدم بافلوف في تجارب المثيرات الشمية والسمعية والبصرية واللمسية كبديل للمثير الطبيعي وهو الطعام باعتباره المثير الصحيح غير الشرطي . وكان يقدم الطعام في طبق صغير للكلب الواقف في هدوء على منضدة ، وفي نفس الوقت يحدث نغمة أو صوت جرس ، ثم يعاد ويكرر هذا المرة بعد الأخرى في أيام متوالية ، وبعد تكرار المثيرين معاً عددا من المرات يبدأ اللعاب في الإفراز تحت تأثير الصوت وحده ، ويكون الصوت في هذه الحالة مثيراً شرطياً للطعام ، ويقال إن الاستجابة اللعابية عند الكلب قد تم اشراطها .
       وليست المثيرات السمعية وحدها صالحة لأن تكون مثيرات شرطية فعالة في إثارة اللعاب . بل تصلح المثيرات الشمية والبصرية واللمسية متى لازمت تقديم الطعام للكلب مرات كافية . وفي مثل هذه التجارب يمكن القول بأن مخ الكلب قد كون ارتباط بين المثير الجديد ( الصوت ) والاستجابة ( إفراز اللعاب ) وتصبح هذه الرابطة جزء من سلوك المتعلم .
مبدأ الاشتراط الكلاسيكي :
( إذا حدث مثير غير مقصود مرة أو بضع مرات قليلة ، وصاحب مثيرات تثير انعكاسات فطرية ، فإن المثير الأول يبدأ في إحداث هذه الانعكاسات الفطرية )



ويمكن توضيح هذا المبدأ على النحو التالي :
م ( طعام ) س ( إفراز اللعاب )
م1 ( صوت ) س1 ( اجتذاب الأذن )
في هذا الرسم يوجد لدينا ثلاث انعكاسات :
1-   طعام لعاب
2-    نغمة صوتية اجتذاب الأذن
وهما انعكاسان غير شرطيين ( طبيعيان )
ثم 3- نغمة صوتية إفراز اللعاب وهو انعكاس شرطي
م تشير إلى مثير طبيعي   ، م 1 مثير شرطي
س استجابة      ، س 1 استجابة طبيعية
العوامل الزمنية في الاشتراط :
لقد أسفرت جهود الباحثين عما يأتي في هذا المجال :
1-   إن التأني الدقيق للمثيرين ليس ضرورياً لتكوين فعل منعكس شرطي سريع وأن التتابع بين المثيرين بحيث يجيء المثير الطبيعي بعد المثير الشرطي بثانيتين أو ثلاث هو أفضل الترتيبات على الإطلاق .
2-   إن الفعل المنعكس الشرطي يتكون بصعوبة بالغة إذ تبع المثير الشرطي المثير الطبيعي ، حتى ولو كان الفاصل الزمني بينهما جزءاً من الثانية وإذا حدث هذا فإنه يسمى بالاشتراط الراجع .
3-   إذا تم تقديم المثير الشرطي على نحو مستمر لفترة معينة مثلاً ثلاث دقائق في ظل هذه الظروف قد يتكون فعل منعكس شرطي مرجأ .
4-   في حالة إذا تم تقديم المثير الشرطي في بداية الفترة الزمنية الفاصلة فقط ولا يستمر خلالها يتكون فعل منعكس شرطي بالأثر .
المثيرات المركبة :
         في اشتراط بافلوف تتكون علاقة بين الاستجابة والمثير الذي يصاحب المثير المعزز والسؤال هو : لماذا ترتبط الاستجابة فقط بالصوت أو الضوء أو اللمسة التي يحدثها المجرب ؟ ألا توجد مثيرات أخرى في الموقف تصاحب بانتظام عرض الطعام ؟ وهذا سؤال بسيط ، ولكن إجابته مركبة ، ولها جانبان أساسيان :
الأول : أن المثيرات الأخرى قد تكون ماثلة ليس حين يحدث التعزيز فقط ، بل وأيضاً في ظل ظروف عدم التعزيز ، وبهذا نتوقع أن تنطفيء قد على إثارة الاستجابة .
الثانية : أن عدداً من تجارب معمل بافلوف قد أبرزت أنه حين تقترن مثيرات مركبة مثل ضوء + صوت ، أو صوت + لمس ، بانتظام مع الطعام فمن الممكن أن يصبح أحد عناصر هذا التركيب مثيراً شرطياً .
الانطفاء والاسترجاع التلقائي :
        إذا حدث بعد تكوين الاستجابة الشرطية ، إن أحدث المنبه الشرطي دون أن يصاحبه المنبه غير الشرطي أو الطبيعي . أي بدون تعزيز وتكرر مرات متتالية فإن الاستجابة تضمحل أو تنطفئ تدريجياً . وفي النهاية لا تظهر الاستجابة ، ويظهر هذا في أمرين الأول أن تطول الفترة بين المثير والاستجابة الشرطية ، والثاني تناقص عدد قطرات اللعاب المسألة .
    وهذا الانطفاء لا يعني أن الترابط أو الاقتران الشرطي قد تحطم وزال نهائياً ، بل يعني كمن نحن ما وأن المثير الشرطي حين يقدم للحيوان بعد فترة من الزمن يستريح فيها فإن الاستجابة الشرطية تعود للظهور ثانية ، ويطلق على هذه الظاهرة الاسترجاع التلقائي .  
تدريب 1 :
بين نواحي القوة ونواحي الضعف في نظرية بافلوف عن التعلم الشرطي ؟
تدريب 2 :
عرفي المفاهيم الآتية : الاشتراط الراجع ، الفعل المنعكس المرجأ ؟