نظريات
التعلم
أولاً
: نظرية التعلم بالمحاولة والخطأ ( ثورنديك )
تحتل نظريات التعلم
مكان الصدارة بين النظريات السيكولوجية لأنها الأساس في فهم سلوك الكائنات الحية ،
فأنماط السلوك التي تتبعها الكائنات الحية أما متعلمة أو غير متعلمة .
والدارس لنظريات
التعلم يجد أن كل منها قامت على أساس تجربة أو تجارب رائدة ، فنظرية التعلم
بالمحاولة والخطأ قامت على تجارب ثورنديك على القطط وغيرها من الحيوانات ، ونظرية
التعلم الشرطي اعتمدت على تجارب بافلوف المعروفة والتي استخدم فيها الكلاب ،
ونظرية الجشطلت اعتمدت على تجارب كوفكا وكوهلر وفرتهيمر على الشمبانزي .
تطورت الترابطية تطوراً طبيعياً من
الترابطية التقليدية التي وجدت في القرن التاسع عشر ، وفي نهاية ذلك القرن ظهر (
إدوارد ثورنديك ) طالباً بجامعة هارفارد ، ثم انتقل بعد ذلك إلى كولومبيا وقد
انشغل بملاحظة سلوك الفراريج وكان هذا الاهتمام بسلوك الحيوان جديداً نسبياً على
علماء النفس ، وجاء نتيجة للمناقشات المتصلة بتطور العقل وفي هذه المناقشات
المبكرة استطاع دارون أن يدحض فكرة الفصل التام بين الحيوان باعتباره عبداً في
سلوكه للغريزة والإنسان باعتباره المفكر الوحيد ، وقد بدأ هو وغيره من دعاة التطور
دراسة الحيوان آملين أن يجدوا آثاراً للاستدلال والتفكير في هذه المستويات الدنيا
، وهذه هي المشكلة التي بدأ يدرسها فيما بعد ثورنديك .
وقد سيطرت نظرية ثورنديك في التعلم على
ميدان علم النفس في الولايات المتحدة قرابة نصف قرن على الرغم من الهجوم الذي
تعرضت له وظهور مدارس ونظريات منافسة قوية ، وقد أعلن ثورنديك عن هذه النظرية أول
ما أعلن في كتابه Animal Intelligence الذي نشر عام 1898 .
يرى ثورنديك أن أظهر أشكال التعلم عند
الحيوان والإنسان هو التعلم بالمحاولة والخطأ ، أو كما فضل أن يسميه التعلم
بالاختيار والربط .
تعريف التعلم بالمحاولة
والخطأ :
يقصد به أن ( المتعلم
حين يواجه موقفاً مشكلاً يريد أن يصل فيه إلى هدف كأن يهرب من محارة أو يحصل على
طعام ، فإنه يفعل هذا باختيار استجابة مناسبة من بين عدد من الاستجابات الممكنة ) .
تعريف المحاولة :
هي ( مقدار
الزمن ( أو عدد الأخطاء ) الذي يتطلبه الكائن الحي للوصول إلى هدفه ) .
وقد أجريت تجارب
ثورنديك في معظمها على قطط وكلاباً وأسماكاً وقردة
مثال لتجارب ثورنديك :
أعد قفصاً له باب يفتح ويقفل بواسطة (
سقاطة ) ، ويمكن فتح الباب متى احتك بها القط ، وقد وضع داخل هذا القفص قطاً
جائعاً ووضع خارجه سمكة متى حرك القط السقاطة بطريقة خاصة انفتح الباب واستطاع
القط أن يحصل على الغذاء ، وجعل ثورنديك يرقب سلوك القط فوجد أن المحاولات الأولى
تتسم بقدر كبير من العض والحركة حتى تصادف أن لمس السقاطة على نحو معين فانفتح
الباب وتوصل القط إلى ضالته ، ولقد سجل ثورنديك ما استغرقه القط فوجد أن المحاولات
الأولى تتسم بقدر كبير من العض والحركة حتى تصادف أن لمس السقاطة على نحو معين
فانفتح الباب وتوصل القط إلى ضالته ، ولقد سجل ثورنديك ما استغرقه القط من وقت ،
فوجد أنه استغرق في التجربة الأولى وقتاً طويلاً ، وأن هذا الزمن بدأ يقصر
تدريجياً في المحاولات التالية ، ولكن هذا التناقص حدث ببطْ وبغير انتظام ، وهذا
التدرج والبطْ هما اللذان أوحيا بأن القط يتعلم بتثبيت الاستجابات الصحيحة والتخلص
من الاستجابات الخاطئة.
وقد أبرزت تجارب ثورنديك أهمية الدوافع
والثواب والعقاب ولقد كانت تجارب التعلم المألوفة قبل ثورنديك من نوع تجارب (
أبنجهوس ) و( هارتر ) لم تهتم كثيراً بالدوافع ، إذ بقي هذا العامل من عوامل أخرى
كالقدرة على التعلم ، في الهامش ، ولم يلق ما يستحق من التفات ، ولقد سلط ثورنديك
الأضواء على الدوافع حين قدم لنا قانون الأثر .
ولقد كان للاهتمام المتزايد بالثواب والعقاب
الذي نلحظه في تجارب ثورنديك على الحيوان صدى في اهتمامه بالتعلم في حجرة الدراسة
.
كما أثرت تجارب ثورنديك على الحيوانات
تأثيراً عميقاً في تفكيره في التعلم عند الإنسان ، فسلوك الحيوان لا تتخلله أفكار
، أما تعلم الإنسان أكثر تنوعاً وتبايناً ، فتعلم الحيوان بسيط أما تعلم الإنسان
مركب ومعقد .
قوانين التعلم
بالمحاولة والخطأ :
ولتوضيح التعلم بالمحاولة والخطأ وضع ثورنديك
ثلاثة قوانين أساسية هي :
ü قانون الاستعداد Law Of Readiness
ü قانون التكرار ( التمرين ) Law Of Exercise
ü قانون الأثر Law Of Effect
أولاً : قانون الاستعداد : Law Of
Readiness
ثمة ثلاث ملابسات
لهذا القانون :
1- إذا ما استعدت وحدة توصيل للفعل ، فالتوصيل مشبع مرض إذا لم يحدث ما
يعرقلها .
2- إذا ما استعدت وحدة توصيل ولم توصل ، فإن عدم التوصيل يضايق .
3- إذا أجبرت وحدة توصيل غير مستعدة للتوصيل على العمل فإنها تثير تضايقاً
وقد تحدث ثورنديك في
كتاباته المبكرة عن وحدات التوصيل ، وبدا وكأنه يتحدث عن ألياف عصبية ، على الرغم
من أنه لم يلتفت التفاتاً كبيراً إلى تفاصيل الوحدات العصبية ، ويبدو أن ثورنديك
أختار هذه اللغة ليبتعد عن مفاهيم يكثر الجدل حولها ، ومعنى هذا أن ألفاظ ثورنديك
في هذا المجال ليس لها معنى فسيولوجي دقيق ، ومن الصعب مثلاً أن نفهم كيف تستطيع
وحدة فسيولوجية غير مستعدة للتوصيل أن توصل .
ولو استبدلنا بوحدة
التوصيل مصطلح آخر كالميل النفسي للعمل أو لنزعة للفعل لاتضح قانون الاستعداد عند
ثورنديك . فحين يستثار الميل إلى العمل نتيجة للاتجاهات النفسية وللتوافق وما شابه
ذلك ، فإن القيام بالعمل يشبع الفرد ، وعدم القيام به يضايقه .
وهناك نوع آخر من الاستعداد مألوف لدى علماء
التربية وهو الاستعداد للقراءة مثلاً ، ويقصدون وصول الطفل إلى مستوى النضج مناسب
لتعلم القراءة ، ولكن لم يستخدم ثورنديك قانون الاستعداد بهذا المعنى ، فالاستعداد
عند ثورنديك كان قانون للتكيف التأهبي وليس قانون للنمو .
ثانياً : قانون التمرين
يشير هذا القانون إلى تقوية الروابط نتيجة
للتمرين ( قانون الاستعمال ) ، وإلى إضعاف الروابط أو النسيان حين يتوقف عن
التمرين ( قانون عدم الاستعمال ) .
ولقد اندرج تحت هذا القانون ظاهرات من نوع
العادات المتكررة والتذكر الأصم ، واكتساب المهارات الحركية ، ويعبر منحنى التعلم
الذي يمثل الاحداثي الصادي فيه الأداء ، ويمثل الاحداثي السيني المحاولات تعبيراً
كمياً عن قانون الاستعمال ، كما يعبر منحنى النسيان عن قانون عدم الاستعمال
تعبيراً كمياً .
مثال على هذا
القانون من الواقع : تعلم قيادة السيارة ، أو الكتابة على الكمبيوتر .
ولقد لقيت صياغة قانون التمرين نقداً من
كثير من علماء النفس ، على أساس أن هذه الصياغة ممعنة في الآلية . وأن ثورنديك لم
يهتم اهتماماً كافياً بالعوامل الأخرى في المواقف كالدوافع والاهتمامات ... ألخ .
ثالثاً : قانون الأثر :
يشير هذا القانون إلى تقوية الارتباطات أو
إضعافها نتيجة لما يترتب على حدوثها من نتائج . فإذا تكون ترابط فإنه يزداد قوة
إذا ما صحبته حالة من الرضى والارتياح ويضعف إذا ما اقترنت به حالة عدم رضى وضيق .
وحالة الرضى هي الحالة التي لا يبذل الكائن
الحي أي محاولة لتجنبها ، وغالباً ما يعمل على الإبقاء عليها . ويقصد ثورنديك حالة
عدم الرضى تلك الحالة التي لا يبذل الكائن الحي أي محاولة للإبقاء عليها بل إنه
على العكس من ذلك يعمل على تجنبها .
القوانين الثانوية :
لقد رأى ثورنديك أنه بالإضافة للقوانين
الثانوية ، خمسة قوانين أخرى ثانوية تنطبق على التعلم عند الإنسان والحيوان وتساعد
على فهمه وتفسيره .
1-
قانون
الاستجابات المتعددة :
حين يواجه المتعلم مشكلة فإنه يلجأ إلى
محاولات عديدة ، لإيجاد استجابة مناسبة من بين عدد من الاستجابات ، فإن لم يجد
الاستجابة المناسبة فإنه يتركها ويحاول أخرى وهكذا حتى يصل إلى الحل حينئذ يحدث
التعلم ويتحقق الإشباع .
2-
قانون
الاتجاه :
اتجاه الكائن الحي الكلي يوجه المتعلم ،
وعلى ذلك فهو يحدد ما سيفعله الشخص ، بل ويحدد ما يشبعه وما يضايقه . فاللاعب
الممتاز قد لا يرضيه ما أحرز من إصابات ، على الرغم من أن هذه الإصابات قد تشبع
لاعباً ناشئاً .
3- قانون العناصر السائدة :
إن
المتعلم قادر على أن يستجيب للعناصر السائدة في المشكلة ، أي أن لديه القدرة على
أن ينتقي العنصر الهام في الموقف ، وأن يوجه استجاباته إليه ، وأن يهمل الجوانب أو
العناصر غير الهامة التي قد تربك التعلم ، وهذه القدرة على معالجة أجزاء الموقف
الهامة تجعل التعلم بالاستبصار ممكناً .
4- قانون الاستجابة بالمماثلة :
إن الكائن الحي يستجيب للموقف الجديد على
أساس ما خبره من مواقف مماثلة ، ويمكن تفسير استجابات المتعلم بما اكتسبه من قبل .
5- قانون نقل الارتباط :
إن
فكرة هذا القانون الأساسية هي أنه إذا كان من الممكن الاحتفاظ بالاستجابة والإبقاء
عليها خلال سلسلة من التغييرات في الموقف المثير ، فقد تواجه في النهاية مثيراً
جديداً تماماً . وهذا الموقف المثير قد يتغير بالإضافة والحذف حتى لا يتبقى من
صفات الموقف الأصلي شيء .
ويوضح ثورنديك هذا القانون بالمثال التالي
: يمكن أن تعلم قطة الوقوف وذلك بمسك قطعة من السمك أمامها ، وتبعدها عنها وهي
راقدة بينما تأمرها بالوقوف . وبعد محاولات كافية يمكن حذف السمكة ويكفي القول
والكلام لكي يثير الاستجابة ، وهذه العملية ما هي إلا استبدال مثير غير شرطي بمثير
شرطي ، فقد أدرك ثورنديك أوجه التشابه بين قانونه وبين الاستجابة الشرطية وهو يزعم
أن قانونه أكثر شمولاً وعموماً .
تقويم نظرية التعلم
بالمحاولة والخطأ :
أولاً نقاط القوة في هذه النظرية :




ثانياً : جوانب الضعف :
v يعتمد تفسير ثورنديك للتعلم على وجهة نظر فسيولوجية ، ولم يكن على أساس ما
توصل إليه علم الفسيولوجي من نتائج .
v إن قدرة المتعلم في نظر ثورنديك تتوقف على عدد الارتباطات التي يكونها ،
والفرق بين الذكي والغبي فرق كمي وليس كيفي ، فالأول لديه عدد من الارتباطات أكبر
من الثاني .
v التكرار في نظره هام على الرغم من أنه في حد ذاته لا يغير الارتباطات
تغييراً ملحوظاً ما لم يسمح بحدوث إثابة .
v الثواب له تأثير مباشر في الارتباطات ويقويها ، أما العقاب قد يكون له
تأثير غير مباشر مضعف وليس له تأثير مباشر .
v دور الفهم في نظرية ثورنديك ضعيف يكاد ينعدم ، لا لأنه لا يمكن البرهنة على
وجوده ، بل لأنه يحدث نتيجة للعادات المبكرة .
v يحدث النسيان
أو صدأ الذاكرة عندما يتوقف التدريب أو المران .
v التعلم ليس
إلا تقوية آلية لارتباطات خاصة دون أن يكون للتفكير دور فيها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق